ونفسك ان لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل...
بدايةً
أخي الحبيب.. إنَّ اعترافك بتقصيرك وإدراكك للخطأ الذي تقع فيه هو جزءٌ
كبيرٌ من العلاج، وعليك أن تتبعه بعلاجاتٍ أخرى، وأن تكون عالي الهمَّة،
تفزع إلى الحقِّ ومتطلَّباته، وأن لا ترضى لنفسك بأن تكون مع مَن قال الله
فيهم ﴿كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا
تَفْعَلُونَ(3)﴾ (الصف).
إنَّ مَن يأمر بالمعروف ولا يأتيه وينهى عن
المنكر ويأتيه يقع تحت طائلة الآيات الكريمة التي تتحدَّث عن المنافقين
وعواقب أفعالهم يقول تعالى: ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا
آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ
إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ(14)﴾ (البقرة) وفي موضعٍ قرآنيِ آخر يقول:
﴿يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ
أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ (البقرة: 9)، ويقول عزَّ وجلَّ: ﴿وَإِذَا
قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا
يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً﴾ (النساء: 142) وإنا نربأ بك أيها
الشاب الهُمام أن تكون كذلك.
أخي الحبيب.. لا بدَّ أن تقِف مع نفسك
وقفةً جادَّةً ومخلصةً ومتجرِّدةً من الأهواء، وتدرس الأسباب التي تدعوك
إلى هذا الموقف الخطير، فأنت تعتلي منبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم-
فعليك أن تتخلَّق بأخلاقه العظيمة، وشمائله الطيِّبة، وخصاله الفاضلة.
إننا
نريدك أن تتطهَّر من أمراض الذنوب والنفاق، وأن تجتهد لتحقيق ذلك ما وسعك
الجهد وأمكنك العمل، وثِقْ بأنَّ الذي يُجهِد نفسه في هذا السبيل موفَّقٌ
ومُعان: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾
(العنكبوت: من الآية 69)؛ فالنفاق قد يغزو النفوس المؤمنة، وقد يعكِّر
صفوها، ويدفع بها إلى طرقٍ ملتويةٍ.
أخي الحبيب.. أعِد حساباتك مع
نفسك، وحاسب نفسك قبل أن تُحاسَب، وزِن أعمالك قبل أن تُوزن عليك، فإنَّ من
يُعرِض عن ذكر الله تعالى يعِش حياةَ الأشقياء التعساء لقول الله تعالى:
﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى(124)﴾ (طه).
وإليك بعض النصائح التي أرجو الله أن تكون عونًا لك على الطاعة:
-
الالتزام بالإسلام عبر الصحبة الطيِّبة، فإنَّ الذئبَ يأكل من الغنم
القاصية، والإيمان كما تعلم بين إقبالٍ وإدبار، ومن ثَمَّ لا بدَّ أن ترمي
بنفسك في أحضان الصالحين؛ حتى تكون هناك فرصةٌ للتناصح والتواصي بالحقِّ
والتواصي بالصبر.
- حسن التوجُّه إلى الله تعالى والإخلاص والصدق معه، فإنَّ كلَّ ذلك مدعاةٌ للالتزام.
- محاسبة النفس على تقصيرها فيما هو مطلوبٌ منها، أو عند ارتكاب شيء محظور، وعلاجه بالاستغفار وصدق التوبة إلى الله.
- حسن الالتزام بالأوامر والنواهي.
- الإكثار من الطاعات والنوافل وقيام الليل وصيام التطوُّع وكثرة الذكر والشكر.
- التفكُّر ودوام المراقبة لله تعالى.
وتذكَّر دومًا أنَّك إنسانٌ تخطئ وتصيب، والخير فينا أن نجاهد أنفسنا.
ونهديك هذا البرنامج العملي للتوبة من مشاهدة الأفلام الإباحية والذي أعده أ. مسعود صبري:
1- اجلس مع نفسك واسألها بكل صراحة:
ما الذي يجعلك تشاهد المواقع الإباحية؟
هل لأنك تجد متعةً في مشاهدة العري؟
هل تشاهد من باب الفضول؟
هل لأنها تثير شهوتك؟
2- انظر كم تقضي من الوقت؟ وما المردود العملي من هذا؟
لن تجد مردودًا سوى (ضياع دين/ ضياع وقت/ ضياع واجبات/ غضب الله/ البعد عن مواطن الخير/ موات النفس/.. إلخ).
3- اسأل نفسك:
هل مشاهدة التعري فعلاً متعة؟
ألا توجد طريقة أخرى لإثارة شهوتك بالحلال؟
ما تأثير هذا الفعل على نفسك وقلبك؟
هل فعلاً تريد أن تتخلص من هذا الفعل؟
4- امسك القلم والورق، واكتب:
ما الذي يدفعك لهذا العمل؟
الأصدقاء/ الفراغ/ البقاء وحدك/.. إلخ.
5- انظر كيف تعالج كل واحدة:
أ- إن كان البقاء وحدك يدفعك في هذا فاعلم أن الله تعالى يراك.
ب- لا تجلس وحدك، نادِ أخاك أو صديقك أو أختك أو زوجتك أو أمك أو أي أحد ممن تثق به
جـ- لا تفتح الإنترنت إلا في وجود أحدٍ من الصالحين.
وإذا ظهرت نتيجة طيبة فعوِّد نفسَك على أن تفتحه في وقتٍ لا يكون فيه أحد بعد استشعار أن الله تعالى معك.
6- حاوِل أن تستمع للقرآن وأنت جالس على جهاز الكمبيوتر.
7- أنزل برنامج الذاكر على جهازك.
8- تذكر أنك قد تموت وأنت على حالتك هذه، وأنك تُبعث عند الله على رؤوس الخلائق، وأنت تشاهد العُري.
9- اخرج إلى الحدائق والأزهار، وشاهِد الخلق، انظر إلى السماء كثيرًا، واستمتع بالنظر إلى السماء والأرض والأشجار والأزهار.
10- سِر على شاطئ البحر أو النهر، وتمتَّع بالمناظر الخلابة.
11- شاهِد من الفضائيات ما هو نافع لك، وأشغِل نفسَك بالبديل المباح عن الحرام
12- الإنترنت ليس كل شيء في حياتنا.. حاول أن تشغل نفسَك بأنشطة حية بعيدًا عن لإنترنت والكمبيوتر.
13- إن كنت تشكو من شيء دفعك إلى هذا الفعل فاسعَ إلى علاجه بشكل فعَّال وحقيقي.
14- استعن بالله؛ فما خاب مَن استعان به ودعاه.
15- كافئ نفسك بنزهة أو أكلة أو شيء تُحبه نفسك ما دام مباحًا.
16- اشكر الله تعالى أن وفقك، فمن شكر الله زادَه الله من نعمه، وليست هناك نعمةٌ أفضل من التزام أوامر الله تعالى.
احذر
انتهاك محارم الله تعالى.. هذه أهمُّ نقطةٍ أودُّ التركيز عليها لحديث
رسولنا- صلى الله عليه وسلم- الذي يقول: "لأعلمنَّ أقوامًا من أمَّتي يأتون
يوم القيامة بحسناتٍ أمثال جبال تِهامة بيضاء، فيجعلها الله عزَّ وجلَّ
هباءً منثورًا"، قال ثوبان: يا رسول الله، صِفْهم لنا، جَلِّهم لنا، أن لا
نكون منهم ونحن لا نعلم، قال: "أما إنَّهم إخوانكم ومن جلدتكم، ويأخذون من
الليل كما تأخذون، ولكنَّهم أقوامٌ إذا خلَوا بمحارم الله انتهكوها" (رواه
ابن ماجة بسندٍ صحيح).
وأوَّل ما أقول فيه إنَّه ليس المقصود منه
مَن يُخطئون ويؤوبون، وإنَّما المقصود المنافقون الذين يُظهِرون شيئًا
ويُبطِنون شيئًا آخر، ولكن هذا لا يعني ألا نحذر إذا كنَّا نفعل فعلهم من
غير أن نكون نقصد النفاق، الخوف يكمن في أن نستمرئ الشيء ونعتاده، فنغدو
مثلهم، وقد يُصيبنا ما أصابهم، نعوذ بالله تعالى من ذلك.
وأمَّا علاجه فليس في يدي، ولا في يد أحدٍ غيرك، أنت من تستطيع أن تُغيِّر، ولكن بشرطين:
الأوَّل: أن تمتلك إرادة الفعل والهمَّة والعزم قلبًا وفعلاً.
الثاني: أن تُثابر وتصبر وتعتمد سياسة النفَس الطويل دون مللٍ أو يأس، حتى وإن أفلحتَ وانتكست، وأفلحتَ وانتكست.
وأخيرًا..
فإنَّ علينا كمسلمين وإسلاميِّين ودعاة أن نجعل التوبة والإنابة إلى الله
مخرجنا من كلِّ ضيق، وملجأنا من كلِّ مكروه، والكير الذي ينفي خبثنا، ويشحذ
همَّتنا، ويوقظنا من غفلتنا.
فكيف نقنط ونحبط ونحن نقرأ قوله
تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا
تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ
جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ(53) وَأَنِيبُوا إِلَى
رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ الْعَذَابُ
ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ(54)﴾ (الزمر).
وفي النهاية.. اطردْ عنك وساوس
الشيطان، وابحثْ عن الزوجةِ الصالحة التي تكون عونًا لك على طاعة الله
والتي تقرُّ بها عينك ويحصن بها فرجك وتسعد بها نفسك وتحلق بها روحك إلى
آفاق السماء.. وتعلو بها همتك وتنطلق معها في دعوتك، ولكن بالطبع لا تنسَ
أمرًا مهمًّا وهو أن تدعونا في حفلِ زفافك الإسلامي حتى ندعو لك ونقول:
"بارك الله لكما، وبارك عليكما، وجمع بينكما في خير".. وتابعنا بأخبارك
السارَّة والسعيدة.
عَنْ ثَوْبَانَ-رضي الله عنهَ- :عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
لَأَعْلَمَنَّ
أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ
أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ
وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا ..
قَالَ ثَوْبَانُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ .
قَالَ"
أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنْ
اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا
بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا
رواه ابن ماجه في سننه، وصححه
الألباني في السلسلة الصحيحة رقم ( 505 ) ،وصحيح ابن ماجه رقم (3442)، و
صحيح الترغيب والترهيب رقم (2346) .